ألمانيا نحو المواجهة: استراتيجية جديدة للأمن القومي
في 27 فبراير/ شباط 2022، أي بعد 3 أيام من الغزو الروسي لأوكرانيا، رأى المستشار الألماني أولاف شولتز، في كلمة ألقاها أمام “البوندستاغ” الألماني، أو البرلمان الاتحادي، أن العالم ما بعد الحرب الأوكرانية لن يكون كما قبلها.
عُرف الخطاب بـ”نقطة تحول”، والذي أصبح بمثابة شعار المرحلة المقبلة، في ألمانيا، منذ الحرب. منذ ذلك الحين، خرج شولتز تدريجياً من صورة المستشار الذي من الممكن أن يمدّ “غصن زيتون” للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبينما لا تزال ألمانيا، ربما، تنتظر نهاية الحرب، وإبعاد شبحها عن أوروبا، إلا أنها كشفت أخيراً عن وجه آخر من السياسة الخارجية والدفاعية، مبني على واقعية جديدة، قد تكون رهن التطور، لكنها تشير من دون شك إلى قطيعة نهائية مع عقود طويلة، ظلّ فيها السياسيون الألمان يصنّفون على أنهم “يفهمون عقل الروس”، وحين كان الجيش الألماني منذ 1989 يعاني من نقص التمويل.
وأعلنت الحكومة الألمانية، أمس الأربعاء، القطع نهائياً مع سياسة “التغيير من خلال التجارة” التي راهن عليها المستشارون الألمان، وخصوصاً غيرهارد شرودر وأنجيلا ميركل (وقبلهما ويلي براندت والتهدئة مع الاتحاد السوفييتي) للتعامل مع الدول ذات الأنظمة الاستبدادية، لإحداث التغيير فيها، ولكن خصوصاً لتمكين ألمانيا الصناعية من بناء قوتها كأكبر اقتصاد في القارة (رغم وجود إحدى أكبر القواعد الأميركية ما وراء البحار في ألمانيا).