تحذيرات في ألمانيا – شعبية اليمين الشعبوي عند أعلى مستوى
بعد التركيز على موضوعي اللاجئين والإسلام، يخوض اليمين الشعبوي الألماني معركة جديدة ضد سياسة الحكومة بخصوص المناخ، ما يسمح له بزيادة رصيده الشعبي إلى أعلى مستوياته في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
أظهر استطلاعان للرأي نشرت نتائجهما في نهاية الأسبوع تقدما كبيرا لحزب البديل من أجل ألمانيا ليشكل منافسا كبيرا للاشتراكيين الديموقراطيين بزعامة أولاف شولتس الذين باتوا في موقع صعب. ويمنح استطلاع الرأي الأول لحساب شبكة إيه آر دي حزب البديل من أجل ألمانيا 18% من الأصوات، فيما تصل هذه النسبة إلى 19% في استطلاع الراي الثاني الذي تورد نتائجه صحيفة “بيلد” في عددها ليوم غد الأحد (الرابع من حزيران/ يونيو)، متحدثة عن “استطلاع صادم”.
ولم يسبقلحزب البديل لألمانيا أن سجل هذه النسبة، وهي تعكس مضاعفة شعبيته، بعدما حقق نتيجة بالكاد تخطت 10% في انتخابات 2021. أما الخضر الأعضاء في الائتلاف الحاكم برئاسة المستشار أولاف شولتس، فسجلوا تراجعا كبيرا إلى 13 أو 14%.
في المقابل، يتصدر محافظو الاتحاد المسيحي الديموقراطي والاتحاد الاجتماعي الديموقراطي الذين انتقلوا إلى المعارضة بعد خروج المستشارة السابقة أنغيلا ميركل من العمل السياسي، إذ يجمعون 27 أو 28% من نوايا الأصوات، غير أنهم لا يسجلون المزيد من التقدم لا بل يتفتت التأييد لهم.
تقدم اليمين المتطرف
يستفيد البديل لألمانيا أولا من تراجع شعبية الائتلاف الحاكم مع انحسار التأييد لأدائه إلى 20% من الألمان تحت وطأة التضخم والانكماش والمخاوف الناتجة عن الحرب الروسية على أوكرانيا، وفق ما أظهر تحقيق شبكة إيه آر دي. وإن كان المحافظون يتصدرون الاستطلاعات، إلا أنهم يجدون صعوبة في تجسيد بديل.
وقال نوربرت روتغن أحد أبرز وجوه الاتحاد المسيحي الديموقراطي “يجدر بالاتحاد أن يقوم بنقد ذاتي ويسأل لماذا لا نستفيد عمليا من مثل هذا الاستياء الشديد حيال الحكومة”، واصفا استطلاع الرأي الذي منح البديل لألمانيا 18% من نوايا الأصوات بأنه “كارثة”.
وإن كان ثلثا الناخبين ما زالوا يضعون الهجرة في مقدم هواجسهم، فإن الحزب اليميني المتطرف يستفيد على ما يبدو من معارضته المتزايدة للتدابير المراعية للمناخ.
وتؤكد نائبة رئيس الحزب بياتريكس فون شتورش “لا نريد سياسة تحمي المناخ لأن المناخ لطالما تغير على مر الزمن”.
واستغل البديل لألمانيا في صعوده مشروع الخضر لحظر التدفئة بواسطة الطاقات الأحفورية اعتبارا من العام المقبل، وهو طرح يلقى معارضة حتى داخل الائتلاف الحاكم من قبل الليبراليين.
ويركز الرئيس المشاركللحزب اليميني المتطرف تينو شوربالا انتقاداته الآن على الحزب المراعي للبيئة، مؤكدا أنه الحزب “الوحيد” الذي يرفض رفضا باتا تشكيل ائتلاف معه.
وقال في تصريح لصحف مجموعة “فونكه” إن “بإمكان المواطنين أن يروا إلى أين تقود سياسة الخضر، إلى الحرب الاقتصادية والتضخم وانحسار القطاع الصناعي”.
وجعل البديل لألمانيا من نائب المستشار وزير الاقتصاد روبرت هابيك كبش فداء لكل المشكلات التي تواجهها البلاد.
ولخص الخبير السياسي هايو فانك الوضع لوكالة فرانس برس قائلا إن البديل لألمانيا ينجح في الاستفادة من قصور الائتلاف الحاكم في مجال التواصل والمخاوف المرتبطة بـ”كلفة التدفئة”.
ذكرى اغتيال لوبكه
من جهتها صرحت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر أن مرور ذكرى اغتيال اليمين المتطرف لرئيس مقاطعة كاسل، فالترلوبكه، قبل أربعة أعوام، يجب ألا يتلاشى من الأذهان. وقالت فيزر وهي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا الخميس الماضي على موقع تويتر “حقيقة أن يطلق أحد النازيين الجدد النار على سياسي محلي له نشاط إنساني تجاه اللاجئين بسبب إنسانيته ووضوحه وشجاعته، ما تزال جريمة لا تصدق حتى يومنا هذا”، مبينة أنها غالبا ما تفكر في فالتر لوبكه وأسرته.
وكان لوبكه (حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي) قتل برصاص المتطرف اليميني شتيفان إرنست ليلة الثاني من حزيران / يونيو 2019 وهو في شرفة منزله في فولفهاغن.
وقالت الوزيرة: “لقد قتل لوبكه لأنه وقف إلى جوار الآخرين، قتل لأنه أعطى صوته للضعفاء، لقد فعل كل ما في وسعه للدفاع عن معتقداته وقيمه”. وأضافت فيزر: “هذا الاغتيال يحثنا على عدم التقليل من الخطر المميت الذي يشكله التطرف اليميني والإرهاب اليميني”.
وذكرت أنه يتعين على السلطات الأمنية التعرف على التطرف ومنعه في وقت مبكر، ومراقبة المتطرفين ونزع سلاح المنخرطين في المشهد اليميني المتطرف باستمرار، فالتطرف اليميني هو أكبر تهديد للديمقراطية في ألمانيا.
المصدر:dpa/DW